في عالم القانون, لا توجد قضية تُثير الجدل وتستدعي التمحيص بقدر قضايا الرشوة, والتي تُعد من أخطر الجرائم التي تمس النزاهة الوظيفية وسمعة المؤسسات. ومن خلال خبرته الطويلة في المحاكم المصرية, يرى الخبير القانوني الأستاذ احمد مدحت – صاحب واحدة من أبرز المؤسسات القانونية في مصر – أن البراءة في قضايا الرشوة لا تأتي عشوائيًا, بل تُبنى على أسس قانونية دقيقة تتطلب فهماً عميقاً لجوانب القضية وقراءة واعية للأدلة. وعلى ذلك يوضيح ما هي أسباب البراءة في قضايا الرشوة ؟
وغيرها من انواع القضايا على النحو الاتى .
ويؤكد الأستاذ احمد مدحت المحام بالنقض أن البراءة في قضايا الرشوة قد تُبنى على عدة أسباب رئيسية, منها:
1. انعدام الركن المادي للجريمة:
يُعتبر الاتفاق أو تسليم المال مقابل أداء معين هو العنصر الأساسي لإثبات الرشوة. فإذا لم يثبت هذا الاتفاق أو لم يكن هناك تسليم فعلي للمال أو المنفعة, فإن الركن المادي للجريمة ينهار, مما يؤدي إلى البراءة.
2. غياب القصد الجنائي:
من المبادئ الأساسية في قضايا الرشوة أن تتوفر النية الإجرامية أو ما يسمى بـ”القصد الجنائي”. فإذا ثبت أن المتهم لم يكن يعلم بأن ما تم تقديمه هو مقابل غير مشروع أو لم يكن لديه نية التأثير على موظف عام، تنتفي الجريمة.
3. عدم صفة الموظف العام:
يشدد احمد مدحت على أن صفة الموظف العام هي عنصر جوهري. فإذا تبيّن أن المتهم لا تنطبق عليه صفة “موظف عام” وفقاً لتعريف القانون المصري, فلا مجال لتطبيق مواد الرشوة عليه, مما يؤدي إلى سقوط الجريمة.
4. بطلان إجراءات القبض أو التفتيش:
إذا ثبت أن هناك بطلاناً في إجراءات القبض أو التفتيش أو أن التسجيلات التي تمت خالفت القانون أو تمت دون إذن من النيابة العامة, فإن ذلك يؤدي إلى استبعاد الأدلة, وهو ما يعزز فرص البراءة.
5. وجود شبهة الإكرامية لا الرشوة:
في بعض الحالات, ينجح الدفاع – كما يشير الأستاذ احمد مدحت – في إثبات أن ما تم تقديمه للموظف لم يكن مشروطًا ولم يكن بهدف التأثير على القرار الوظيفي, بل جاء على سبيل الشكر أو الإكرامية، مما يغيّر توصيف الفعل ويؤدي إلى تبرئة المتهم.
6. التلفيق أو الكيدية:
في كثير من القضايا, يثبت الدفاع أن هناك خصومة أو نية كيدية دفعت أحد الأطراف إلى تلفيق القضية للمتهم. ويُعد كشف هذه النية سببًا قويًا في إسقاط التهمة.
يرى الأستاذ احمد مدحت أن قضايا الرشوة تحتاج إلى محامٍ يتمتع بالفطنة القانونية, وسرعة البديهة, والقدرة على تحليل الأدلة والتشكيك فيها بذكاء, إلى جانب الدراية التامة بحدود القانون وتطورات العمل القضائي. فبراءة المتهم ليست نهاية المطاف فحسب, بل هي إحقاق للعدالة وحماية لأبرياء قد يكونون ضحية للظروف أو التهم الكيدية